فصل: فصل في الجوارح

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 فصل في الجوارح

- قوله‏:‏ وتعليم الكلب أن يترك الأكل ثلاث مرات، وتعليم البازي أن يرجع، ويجيب إذا دعوته، وهو مأثور عن ابن عباس، قلت‏:‏ غريب، وفي البخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الصيد - في باب إذا أكل الكلب‏"‏ ص 824 - ج 2‏]‏‏:‏ وقال ابن عباس‏:‏ إن أكل الكلب فقد أفسده، إنما أمسك على نفسه، والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏تعلمونهن مما علمكم اللّه‏}‏ [المائدة: 4] فيضرب ويعلم، حتى يترك، انتهى‏.‏ وروى ابن جرير الطبري في تفسيره ‏[‏عند ابن جرير في ‏"‏تفسيره‏"‏ ص 52 - ج 6‏.‏‏]‏ في سورة المائدة حدثنا أبو كريب ثنا أسباط بن محمد ثنا أبو إسحاق الشيباني عن حماد عن إبراهيم عن ابن عباس أنه قال في الطير‏:‏ إذا أرسلته، فقتل، فكل، فإن الكلب إذا ضربته لم يعد فإن تعليم الطير أن يرجع إلى صاحبه، وليس يضرب، فإذا أكل من الصيد ونتف الريش، فكل، انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ ولأنه اجتمع المبيح والمحرم، فتغلب جهة الحرمة نصًا، أو احتياطًا، قلت‏:‏ كأنه يشير إلى حديث‏:‏ ما اجتمع الحلال والحرام، إلا وغلب الحرام الحلال، وهذا الحديث وجدته موقوفًا على ابن مسعود، أخرجه عبد الرازق في مصنفه - في الطلاق حدثنا سفيان الثوري عن جابر عن الشعبي، قال‏:‏ قال عبد الله ما اجتمع حلال وحرام إلا غلب الحرام الحلال، قال سفيان‏:‏ وذلك في الرجل يفجر بامرأة، وعنده ابنتها أو أمها، فإنه يفارقها، انتهى‏.‏ قال البيهقي في سنته‏:‏ رواه جابر الجعفي عن ابن مسعود، وجابر ضعيف، والشعبي عن ابن مسعود منقطع، انتهى‏.‏

 فصل في الرمي

- الحديث الثاني‏:‏ روي عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه كره أكل الصيد إذا غاب عن الرامي، وقال‏:‏

- لعل هوام الأرض قتلته، قلت‏:‏ روي مسندًا ومرسلًا‏.‏

فالمسند‏:‏ عن أبي رزين، وعن عائشة‏.‏

- فحديث أبي رزين‏:‏ رواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا ابن نمير، ويحيى بن آدم عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عبد اللّه بن أبي رزين عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في - الصيد يتوارى عن صاحبه - قال‏:‏ لعل هوام الأرض قتله، انتهى‏.‏ وكذلك رواه الطبري في ‏"‏معجمه‏"‏ ورواه ابن أبي شيبة أيضًا حدثنا جرير بن عبد الحميد عن موسى بن أبي عائشة عن أبي رزين، فذكره، ورواه كذلك أبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏، ومن جهة أبي داود ذكره عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏، وأعله بالإِرسال، وأقره ابن القطان عليه‏.‏

- وحديث عائشة‏:‏ رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد بن علي عن عائشة أن رجلًا أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بظبي قد أصابه بالأمس، وهو ميت، فقال‏:‏ يا رسول اللّه عرفت فيه سهمي، وقد رميته بالأمس، فقال‏:‏ لو أعلم أن سهمك قتله أكلته، ولكن لا أدري، وهوام الأرض كثيرة، انتهى‏.‏ وابن أبي المخارق واهٍ‏.‏

وأما المرسل‏:‏ فرواه أبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏ عن عطاء بن السائب عن الشعبي أن أعرابيًا أهدى إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ظبيًا، فقال‏:‏ من أين أصبت هذا‏؟‏ قال‏:‏ رميته، فطلبته، فأعجزني حتى أدركني المساء، فرجعت، فلما أصبحت اتبعت أثره، فوجدته في غار، وهذا مشقصي فيه أعرفه، قال‏:‏ بات عنك ليلة، فلا آمن أن تكون هامة أعانتك عليه، لا حاجة لي فيه، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا معمر عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم، قال‏:‏ أتى رجل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ يا رسول اللّه رميت صيدًا، فتغيب عني ليلة، فقال عليه السلام‏:‏ إن هوام الأرض كثيرة، انتهى‏.‏

- أحاديث الخصوم‏:‏ أخرج مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الصيد‏"‏ ص 147 - ج 2‏]‏ عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن أبي ثعلبة الخنشي عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في - الذي يدرك صيده بعد ثلاث - قال‏:‏ كله ما لم ينتن، انتهى، زاد في لفظ آخر‏:‏ وقال في الكلب أيضًا‏:‏ كله بعد ثلاث، إلا أن ينتن، فدعه، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الصيد‏"‏ ص 146 - ج 2، وعند البخاري في ‏"‏الذبائح والصيد - في باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة‏"‏ ص 824 - ج 2‏]‏ عن عدي بن حاتم، وفيه‏:‏ وإن رميت بسهمك، فاذكر اسم اللّه، فإن غاب عنك يومًا فلم تجد فيه إلا أثر سهمك، فكل إن شئت، وقال البخاري‏:‏ وإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين، وعند البخاري عن عدي أيضًا أنه قال للنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏:‏ يرمي الصيد، فيقتفي أثره اليومين، أو الثلاثة، ثم يجده ميتًا، وفيه سهمه، قال‏:‏ يأكل إن شاء، ولم يصل سنده بهذا‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه النسائي والترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الصيد - في باب في الرجل يرمي الصيد فيغيب عنه‏"‏ ص 190 - ج 1، وعند النسائي ‏"‏فيه - في باب في الذي يرمي الصيد فيغيب عنه‏"‏ ص 196 - ج 2‏]‏ عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن عدي بن حاتم، قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه إنا أهل صيد، وإن أحدنا يرمي الصيد، فيغيب عنه الليلة والليلتين، فيتبع الأثر، فيجده ميتًا، قال‏:‏ إذا وجدت السهم فيه، ولم تجد فيه أثر غيره، وعلمت أن سهمك قتله، فكله، انتهى‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن صحيح، وأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الذبائح والصيد‏"‏ ص 549‏]‏ عن عاصم الأحول عن الشعبي عن عدي بن حاتم أنه سأل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ أرمي بسهمي، فأصيب، فلا أقدر عليه إلا بعد يوم أو يومين، فقال‏:‏ إذا قدرت عليه، وليس فيه أثر ولا خدش إلا رميتك، فكل، وإن وجدت فيه أثر غير رميتك، فلا تأكله، فإنك لا تدري أنت قتلته أم غيرك انتهى‏.‏ قال في ‏"‏التنقيح‏"‏ وإسناده صحيح، وبه قال أحمد، يباح أكله إذا غاب مطلقًا، قال مالك‏:‏ ما لم يبت، فإذا بات لا يحل، والله أعلم

- الحديث الثالث‏:‏ قال عليه السلام لعدي بن حاتم‏:‏

- وإن وقعت رميتك في الماء، فلا تأكل، فإنك لا تدري أن الماء قتله، أو سهمك،

قلت‏:‏ أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الصيد‏"‏ ص 146 - ج 2، وعند البخاري في ‏"‏الصيد والذبائح‏"‏ ص 824 - ج 2، وقوله‏:‏ فإنك لا تدري، الماء قتله، أو سهمك، عند الترمذي أيضًا في ‏"‏الصيد‏"‏ ص 190 - ج 1‏]‏ عنه أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال له‏:‏ إذا رميت سهمك، فاذكر اسم اللّه عليه، فإن وجدته قد قتل، فكل، إلا أن تجده قد وقع في ماء، وزاد مسلم‏:‏ فإنك لا تدري الماء قتله، أو سهمك، انتهى‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ قال عليه السلام في ‏"‏المعراض‏"‏‏:‏

- ما أصاب بحده فكل، وما أصاب بعرضه فلا تأكل،

قلت‏:‏ أخرجه الأئمة الستة في ‏"‏كتبهم‏"‏ ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الذبائح والصيد‏"‏ ص 824 - ج 2، وعند مسلم في ‏"‏الصيد‏"‏ ص 145 - ج 2، وتراجع البقية‏]‏ عن عدي بن حاتم، قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه إني أرسل الكلاب المعلمة، فيمسكن عليّ وأذكر اسم اللّه، قال‏:‏ إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم اللّه، فكل ما أمسك عليك، قلت‏:‏ وإن قتل‏؟‏ قال‏:‏ وإن قتل، ما لم يشركه كلب، ليس معه، قلت‏:‏ فإني أرمي بالمعراض الصيد، فأصيد، قال‏:‏ إذا أصاب بحده، فكل، وإذا أصاب بعرضه، فقتل، فلا تأكل، فإنه وقيذ انتهى

- الحديث الخامس‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏ما أنهر الدم، وأفرى الأوداج فكل‏"‏ قلت مر في الذبائح‏.‏

- الحديث السادس‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏ما أبين من الحي، فهو ميت‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه أبو داود، والترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الصيد - في باب إذا قطع من الحي قطعة فهو ميت‏"‏ ص 191 - ج 1، وعند أبي داود في ‏"‏الضحايا - في باب إذا قطع من الصيد قطعة‏"‏ ص 38 - ج 2، وعند الدارقطني في ‏"‏الصيد والضحايا‏"‏ ص 548، وفي ‏"‏المستدرك - في الذبائح‏"‏ ص 548، وفي ‏"‏المستدرك - في الأطعمة‏"‏ ص 124 - ج 4‏]‏ عن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن دينار ثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي وافد الليثي عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ما قطع من البهيمة، وهي حية فهو ميتة، انتهى، لأبي داود، ولفظ الترمذي أتم ثم قال‏:‏ قدم النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ المدينة، وهم يجبون أسنمة الإبل، ويقطعون أليات الغنم، فقال عليه السلام‏:‏ ما قطع من البهيمة، وهي حية فهو ميتة، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث زيد بن أسلم، انتهى‏.‏ ورواه أحمد، وابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، والدارمي، وأبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسانيدهم‏"‏، والطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏، والدارقطني في ‏"‏سننه - في آخر الضحايا‏"‏، والحاكم في ‏"‏المستدرك - في الذبائح‏"‏، وقال‏:‏ حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ وعبد الرحمن بن عبد اللّه بن دينار، قال ابن معين‏:‏ ضعيف، وقال أبو حاتم‏:‏ لا يحتج به‏.‏

- وأما حديث ابن عمر‏:‏ فأخرجه ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الصيد - في باب ما قطع من البهيمة‏"‏ ص 139، وعند الدارقطني في ‏"‏الذبائح‏"‏ ص 548، وفي ‏"‏المستدرك - في الأطعمة‏"‏ ص 124 - ج 4‏.‏‏]‏ حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب عن معن بن عيسى عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعًا‏:‏ ما قطع من البهيمة وهي حية، فهو ميتة، انتهى‏.‏ ورواه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا حميد بن الربيع ثنا معن بن عيسى به، وكذلك رواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ وسكت عنه، قال البزار‏:‏ لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏"‏ حدثنا محمود بن علي المرزوي ثنا يحيى بن المغيرة ثنا ابن نافع عن عاصم بن عمر عن عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر مرفوعًا، نحوه‏.‏

- وأما حديث الخدري‏:‏ فأخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏حديث سليمان بن بلال في ‏"‏المستدرك - في الذبائح‏"‏ ص 239، وحديث المسور بن الصلت عنده في ‏"‏الأطعمة‏"‏ ص 124 - ج 4، وقال‏:‏ رواه عبد الرحمن بن مهدي عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم مرسلًا، وقيل‏:‏ عن زيد بن أسلم عن ابن عمر، انتهى‏.‏‏]‏ عن سليمان بن بلال عن زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ سئل عن قطع أليات الغنم، وجبّ أسنمة الإبل، فقال‏:‏ ما قطع من حي فهو ميت، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ وأخرجه أيضًا عن المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم به، وسكت عنه، وبهذا الإسناد رواه البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ وقال‏:‏ هكذا رواه المسور بن الصلت مسندًا، وخالفه سليمان بن بلال، فأرسله عن عطاء بن يسار عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لم يذكر أبا سعيد، ولا نعلم أحدًا قال فيه‏:‏ عن أبي سعيد إلا المسور بن الصلت، وليس بالحافظ، انتهى‏.‏ وفيه نظر من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن سليمان بن بلال أسنده عن أبي سعيد، كما تقدم عند الحاكم، ولم أجده مرسلًا، إلا في ‏"‏مصنف عبد الرزاق‏"‏ أخرجه في ‏"‏كتاب الحج‏"‏ حدثنا معمر عن زيد بن أسلم، قال‏:‏ كان أهل الجاهلية يجبون الأسنمة، فقال عليه السلام، الحديث، حدثنا ابن مجاهد عن أبيه مجاهد، قال‏:‏ كان أهل الجاهلية يقطعون أليات الغنم، وأسمنة الإبل، فذكره، الثاني‏:‏ قوله‏:‏ لانعلم أحدًا قال فيه‏:‏ عن أبي سعيد إلا المسور، فقد تابع المسور عليه سليمان بن بلال، كما تقدم، وتابعه أيضًا خارجة بن مصعب، كما أخرجه الحافظ أبو نعيم في ‏"‏الحلية - في ترجمة يوسف بن أسباط‏"‏ عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ كل شيء قطع من الحي فهو ميت، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ تفرد به خارجة فيما أعلم، انتهى‏.‏ ورواه كذلك ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ وضعف خارجة عن البخاري، والنسائي، وأحمد، وابن معين، ومشاه، فقال‏:‏ يكتب حديثه، فإنه يغلط، ولا يتعمد، انتهى‏.‏ قال البزار‏:‏ وهذا حديث قد اختلف فيه على زيد بن أسلم، فقال‏:‏ عبد الرحمن بن عبد اللّه بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وقال‏:‏ المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وقال‏:‏ سليمان بن بلال عن زيد عن عطاء بن يسار عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، والمسور لين الحديث، وقد روى عنه جماعة من أهل العلم، وعبد الرحمن بن عبد اللّه بن دينار، فليس بالقوي في الحديث، انتهى‏.‏

- وأما حديث تميم الداري‏:‏ فأخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ ‏[‏قلت‏:‏ وعند ابن ماجه أيضًا بهذا السند في ‏"‏الصيد‏"‏ ص 239‏.‏‏]‏ عن سفيان عن أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن تميم الداري، قيل‏:‏ يا رسول اللّه إن ناسًا يجبون أليات الغنم، وهي أحياء، قال‏:‏ ما أخذ من البهيمة وهي حية، فهو ميتة، انتهى‏.‏ ورواه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏ وابن الهذلي، واسمه‏:‏ سلمى بن عبد اللّه، ولم يضعفه عن أحد‏.‏

- الحديث السابع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏الصيد لمن أخذه‏"‏

قلت‏:‏ غريب، ‏[‏قال في ‏"‏الدراية‏"‏ ص 355‏:‏ فالحديث الأول‏:‏ أي حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، اهـ، لا أصل له بهذا الاسناد، وأما الثاني‏:‏ أي مالك عن الزهري عن عبد اللّه بن ظالم عن سعيد بن زيد، اهـ‏.‏ فقد تقدم عن سعيد بن زيد، وغيره، والحكاية مصنوعة، انتهى‏]‏ وجدت في ‏"‏كتاب التذكرة‏"‏ لأبي عبد اللّه محمد بن حمدون، قال‏:‏ قال إسحاق الموصلي‏:‏ كنت يومًا عند الرشيد أغنيه، وهو يشرب، فدخل الفضل بن الربيع، فقال له‏:‏ ما وراءك‏؟‏ قال‏:‏ خرج إليّ ثلاث جوار‏:‏ مكية، والأخرى مدنية، والأخرى عراقية، فقبضت المدنية على آلتي، فلما أنعظ، قبضت المكية عليه، فقالت المدنية‏:‏ ما هذا التعدي، ألم تعلمي أن مالكًا حدثنا عن الزهري عن عبد اللّه بن ظالم عن سعيد بن زيد، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏"‏من أحيى أرضًا ميتة فهي له‏"‏ فقالت المكية‏:‏ ألم تعلمي أنت أن سفيان حدثنا عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ الصيد لمن أخذه، لا لمن أثاره، فدفعتهما الثالثة عنه، ثم أخذته، وقالت‏:‏ هذا لي وفي يدي حتى تصطلحا، انتهى‏.‏

  كتاب الرهن

- الحديث الأول‏:‏ روي أنه عليه السلام اشترى من يهودي طعامًا، ورهنه درعه،

قلت‏:‏ أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الرهن - في باب من رهن درعه‏"‏ ص 341 - ج 1، ولفظه‏:‏ ثلاثين‏:‏ صاعًا من شعير في ‏"‏الجهاد - في باب ما قيل في درع النبي صلىالله عليه وسلم‏"‏ ص 409 - ج 1، وعند مسلم في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 31 - ج 2‏.‏‏]‏ عن الأسود عن عائشة أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ اشترى من يهودي طعامًا إلى أجل، ورهنه درعًا له من حديد، انتهى‏.‏ وفي لفظ البخاري‏:‏ ثلاثين صاعًا من شعير، وأخرج البخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏البيوع - في باب شرى النبي صلى اللّه عليه وسلم بالنسيئة‏"‏ ص 238 - ج 1، وفي ‏"‏أوائل الرهن‏"‏ ص 341 - ج 1‏]‏ في ‏"‏البيوع‏"‏ عن قتادة عن أنس، ولقد رهن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ درعًا له بالمدينة عند يهودي، وأخذ منه شعيرًا لأهله، مختصر، وأخرج الترمذي، والنسائي، وابن ماجه ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الرهون‏"‏ ص 178‏.‏ وعند الترمذي في ‏"‏البيوع - في باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل‏"‏ ص 157 - ج 1‏]‏ عن عكرمة عن ابن عباس‏:‏ قال قبض النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وإن درعه مرهونة عند رجل من يهود، على ثلاثين صاعًا من شعير، أخذها رزقًا لعياله، انتهى‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن صحيح‏.‏ وهذا اليهودي اسمه‏:‏ أبو الشحم، هكذا وقع مسمى في ‏"‏سنن البيهقي‏"‏ وقد تقدم ‏"‏أول البيوع‏"‏‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لايغلق الرهن - قالها ثلاثًا - لصاحبه غنمه، وعليه غرمه‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع الثالث والأربعين، من القسم الثالث، والحاكم في ‏"‏المستدرك ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في البيوع‏"‏ ص 51 - ج 2 وعند الدارقطني فيه‏:‏ ص 303‏]‏ في ‏"‏البيوع‏"‏ عن سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏"‏لايغلق الرهن ممن رهنه، له غنمه وعليه غرمه‏"‏ انتهى‏.‏ قال الحاكم‏:‏ هذا حديث صحيح، أعلى الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، لاختلاف فيه على أصحاب الزهري، وقد تابع زياد بن سعد على هذه الرواية مالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وسليمان بن أبي داود الحراني، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومعمر بن راشد، ثم أخرج أحاديثهم، ورواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ وقال‏:‏ هذا إسناد حسن متصل، وأخرجه أيضًا عن عبد اللّه بن نصر الأصم الأنطاكي ثنا شبابة ثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا، فذكره، وصححه عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ من هذه الطريق، قال ابن القطان‏:‏ وأراه إنما تبع في ذلك أبا عمر بن عبد البر، فإنه صححه، وعبد اللّه بن نصر هذا لا أعرف حاله، وقد روى عنه جماعة، وذكره ابن عدي في ‏"‏كتابه‏"‏ ولم يبين من حاله شيئًا، إلا أنه ذكر له أحاديث منكرة‏:‏ منها هذا، انتهى كلامه‏.‏ وقال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ عبد اللّه بن نصر الأصم البزار الأنطاكي ليس بذاك المعتمد، وقد روى عن أبي بكر بن عياش، وابن علية ومعن بن عيسى، وابن فضيل، وروى عنه أبو حاتم الرازي، انتهى‏.‏ وأخرجه أبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏ عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال أبو داود‏:‏ وقوله‏:‏ له غنمه، وعليه غرمه، من كلام سعيد، نقله عنه الزهري، وقال‏:‏ هذا هو الصحيح، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ يؤيده ما رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ لايغلق الرهن ممن رهنه، قلت للزهري‏:‏ أرأيت قول الرجل‏:‏ لا يغلق الرهن، أهو الرجل يقول‏:‏ إن لم آتك بمالك، فالرهن لك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال معمر‏:‏ ثم بلغني عنه أنه قال‏:‏ إن هلك لم يذهب حق هذا، إنما هلك من رب الرهن، له غنمة، وعليه غرمه، انتهى‏.‏ ثم أخرجه من قول النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أخبرنا الثوري عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن ابن المسيب، قال‏:‏ قال عليه السلام‏:‏ ‏"‏لا يغلق الرهن ممن رهنه، له غنمه، وعليه غرمه‏"‏ انتهى‏.‏ ولم يروه عبد الرزاق مسندًا أصلًا، وكذلك ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا وكيع ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وكذلك الشافعي في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب به، وزاد في آخره‏:‏ قال الشافعي‏:‏ وغنمه زيادته، وغرمه هلاكه ونقصه، انتهى‏.‏ وقد روي هذا الحديث متصلًا أيضًا من طرق أخرى عديدة، ذكرها الدارقطني، وأجود طرقه المتصلة ما ذكرناه، قال صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏ وقد صحح اتصال هذا الحديث الدارقطني، وابن عبد البر، وعبد الحق، وقد رواه أبو داود في ‏"‏المراسيل‏"‏ من رواية مالك، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، وغيرهم عن الزهري عن سعيد مرسلًا، وكذلك رواه الثوري، وغيره عن ابن أبي ذئب مرسلًا، وهو المحفوظ، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ في ‏"‏الكتاب‏"‏‏:‏ قالها ثلاثًا، لم أجده في شيء من طرق الحديث‏.‏

واعلم أن ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏ زاد في متن هذا الحديث، قال إبراهيم النخعي‏:‏ كانوا يرهنون، ويقولون‏:‏ إن جئتك بالمال إلى وقت كذا، وإلا فهو لك، فقال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ذلك، انتهى‏.‏ وينظر الدارقطني هل فيه هذه الزيادة‏؟‏ ‏[‏قلت‏:‏ لم أجد هذه الزيادة عند الدارقطني، نعم وجدتها عند الطحاوي في ‏"‏شرج الآثار - في باب الرهن‏"‏ فراجعه‏)‏

‏]‏‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ قال عليه السلام للمرتهن بعد ما نفق فرس الرهن عنده‏:‏

- ‏"‏ذهب حقك‏"‏،

قلت‏:‏ أخرجه أبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏ عن ابن المبارك عن مصعب بن ثابت، قال‏:‏ سمعت عطاء يحدث أن رجلًا رهن فرسًا، فنفق في يده، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ للمرتهن‏:‏ ‏"‏ذهب حقك‏"‏ انتهى‏.‏ ورواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه - في أثناء البيوع‏"‏ حدثنا عبد اللّه بن المبارك به، قال عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ هو مرسل، وضعيف، قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ ومصعب بن ثابت بن عبد اللّه بن الزبير، ضعيف، كثير الغلط، وإن كان صدوقًا، انتهى‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏إذا عمي الرهن فهو بما فيه‏"‏ قلت‏:‏ روي مسندًا ومرسلًا‏.‏

فالمسند‏:‏ رواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏البيوع‏"‏ ص 302‏.‏‏]‏ حدثنا محمد بن مخلد ثنا أحمد بن غالب ثنا عبد الكريم بن روح عن هشام بن زيادة عن حميد عن أنس عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ الرهن بما فيه، انتهى‏.‏ قال الدارقطني‏:‏ هذا لا يثبت عن حميد، ومن بينه وبين شيخنا كلهم ضعفاء، ثم أخرجه عن إسماعيل بن أبي أمية ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس مرفوعًا، نحوه، قال‏:‏ وهذا باطل عن حماد، وقتادة، وإسماعيل هذا يضع الحديث، انتهى‏.‏ قال ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ الأول فيه أحمد بن محمد بن غالب، وهو غلام خليل، كان كذابًا، يضع الحديث، وعبد الكريم بن روح ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم الرازي‏:‏ مجهول، وهشام بن زياد، قال يحيى‏:‏ ليس بشيء، وقال النسائي‏:‏ متروك الحديث، وقال ابن حبان‏:‏ ينفرد عن الثقات بالمعضلات، وفي الثاني‏:‏ إسماعيل بن أبي أمية، قال الدارقطني‏:‏ يضع الحديث ‏[‏قلت‏:‏ هذا الحديث عند الدارقطني بثلاثة طرق‏:‏ الأول، والثاني كما في التخريج، والثالث‏:‏ ثنا عبد الباقي بن قانع نا عبد الوارث بن إبراهيم نا ابن أبي أمية نا سعيد بن راشد نا حميد الطويل عن أنس، فقول ابن الجوزي‏:‏ وفي الثاني سعيد بن راشد، على ما قال، بل هو في الحديث الثالث‏]‏، وسعيد بن راشد، قال يحيى بن معين‏:‏ ليس بشيء، وقال النسائي‏:‏ متروك الحديث، وقال ابن حبان‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به، انتهى‏.‏

وأما المرسل‏:‏ فرواه أبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏ عن علي بن سهل الرملي ثنا الوليد ثنا الأوزاعي عن عطاء عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ الرهن بما فيه، انتهى‏.‏ قال ابن القطان‏:‏ مرسل صحيح، انتهى‏.‏ وأخرجه أيضًا عن طاوس مرفوعًا، نحوه سواء، وأخرج أيضًا عن أبي الزناد، قال‏:‏ إن ناسًا يوهمون في قوله عليه السلام‏:‏ الرهن بما فيه، وإنما قال ذلك فيما أخبرنا الثقة من الفقهاء، إذا هلك وعميت قيمته، يقال حينئذ للذي رهنه‏:‏ زعمت أن قيمته مائة دينار، أسلمته بعشرين دينارًا، ورضيت بالرهن، ويقال للآخر‏:‏ زعمت أن ثمنه عشرة دنانير، فقد رضيت به عوضًا من عشرين دينارًا، وأخرج الطحاوي ‏[‏عند الطحاوي في ‏"‏شرح الآثار - في باب الرهن يهلك في يد المرتهن‏"‏‏.‏‏]‏ بسند صحيح عن أبي الزناد، قال‏:‏ أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم‏:‏ منهم سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد، وعبيد اللّه في مشيخة من نظرائهم، أهل فقه، وصلاح، وفضل، فذكر ما جمع من أقاويلهم في كتابه على هذه الصفة، أنهم قالوا‏:‏ الرهن بما فيه، إذا كان هلك، وعميت قيمته، ويرفع ذلك منهم الثقة إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قالوا‏:‏ الرهن بما فيه، انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ وإجماع الصحابة والتابعين على أن الرهن مضمون، مع اختلافهم في كيفيته، قلت‏:‏ قوله‏:‏ عن علي رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ يترادان الفضل في الرهن، قلت‏:‏ رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه - في أثناء البيوع‏"‏ أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن الحكم عن علي قال‏:‏ يترادان الفضل بينهما في الرهن، انتهى‏.‏ ورواه ابن أبي شيبة حدثنا وكيع ثنا سفيان به، وأخرجه البيهقي ‏[‏عند البيهقي في ‏"‏السنن - في الرهن‏"‏ ص 43 - ج 6، وكذا قول عمر الآتي فيه‏]‏ عن خلاس عن علي، قال‏:‏ إذا كان في الرهن فضل، فإن أصابته جائحة، فالرهن بما فيه، فإن لم تصبه جائحة، فإنه يرد الفضل، قال البيهقي‏:‏ وما رواه خلاس عن علي أخذه من صحيفة، قال ابن معين، وغيره من الحفاظ‏:‏ وأخرجه أيضًا عن الحارث عن علي، قال‏:‏ إذا كان الرهن أفضل من القرض، أو كان القرض، أفضل من الرهن، ثم هلك يترادان الفضل، وأخرجه أيضًا عن ابن الحنفية عنه، قال‏:‏ إذا كان الرهن أقل رد الفضل، وإن كان أكثر فهو بما فيه‏.‏

- قوله‏:‏ ومذهبنا روي عن ابن مسعود، وعمر، قلت‏:‏ أخرج البيهقي عن عمر، قال في الرجل يرتهن الرهن، فيضيع، قال‏:‏ إن كان أقل مما فيه رد عليه تمام حقه، وإن كان أكثر، فهو أمين، وروى ابن أبي شيبة، والطحاوي عنه، قال‏:‏ إذا كان الرهن بأكثر مما رهن به، فهو أمين في الفضل، وإذا كان بأقل رد عليه، ورواه البيهقي، وقال‏:‏ هذا ليس بمشهور عن عمر، والرواية عن ابن مسعود غريب‏.‏

- قوله‏:‏ وعن علي رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ المرتهن أمين في الفضل، قلت‏:‏ رواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ حدثنا وكيع عن علي بن صالح عن عبد الأعلى بن عامر عن محمد بن الحنفية عن علي قال‏:‏ إذا كان الرهن أكثر مما رهن به فهلك، فهو بما فيه، لأنه أمين في الفضل، وإذا كان أقل مما رهن به فهلك، رد الراهن الفضل، انتهى‏.‏ وأخرج نحوه عن عمر حدثنا أبو عاصم عن عمران القطان عن مطر عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر، قال‏:‏ إذا كان الرهن أكثر مما رهن به فهو أمين في الفضل، وإذا كان أقل رد عليه، انتهى‏.‏

 باب ما يجوز ارتهانه

- قوله‏:‏ وجه القياس أنه صفقة في صفقتين، وهو منهي عنه، قلت‏:‏ يشير إلى حديث ابن مسعود أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نهى عن صفقتين في صفقة، أخرجه أحمد، وقد تقدم في ‏"‏باب البيع الفاسد‏"‏‏.‏

 كتاب الجنايات

- قوله‏:‏ وقد نطق به غير واحد‏:‏ من السنة - يعني الإثم في القتل العمد - ‏:‏

قلت‏:‏ الأحاديث في تحريم قتل المسلم كثيرة جدًا‏:‏ فمنها ما أخرجه الأئمة الستة ‏[‏عند مسلم في ‏"‏القصاص - والديات‏"‏ ص 59 - ج 2، وعند البخاري في ‏"‏الديات‏"‏ في باب قول اللّه‏:‏ ‏{‏أن النفس بالنفس‏}‏ [المائدة: 45] ص 1016 - ج 2، وعند الترمذي ‏"‏فيه - في باب ما جاء‏:‏ لا يحل دم امرىء مسلم إلا باحدى ثلاث‏"‏ ص 180 - ج 1، وعند أبي داود في ‏"‏أوائل الحدود‏"‏ ص 242 - ج 2، وعند النسائي في ‏"‏أوائل القود‏"‏ ص 237 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏أوائل الحدود‏"‏ ص 185‏.‏‏]‏ عن مسروق عن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏"‏لا يحل دم امرىء يشهد أن لا إله إلا اللّه، وأني رسول اللّه، إلا بإحدى ثلاث‏:‏ الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة‏"‏، انتهى‏.‏ وأخرجه الترمذي في ‏"‏الديات‏"‏ والنسائي في ‏"‏القود‏"‏ والباقون في ‏"‏الحدود‏"‏ وفي لفظ لمسلم‏:‏ قال‏:‏ قام فينا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ والذي لا إله غيره لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا اللّه، وأني رسول اللّه، إلا ثلاثة نفر‏:‏ التارك للإسلام، الحديث‏.‏ وأخرج مسلم عن عائشة نحوه، محيلًا على حديث ابن مسعود، ولم يسق المتن، ولفظه‏:‏ قال الأعمش‏:‏ وحدثنا إبراهيم عن الأسود عن عائشة بمثله‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الايمان - في باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا‏:‏ لا إله إلا اللّه‏"‏ ص 37 - ج 1، وعند البخاري ‏"‏فيه - في با ب ‏{‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم‏}‏ [التوبة: 5] ص 8 - ج 1، وحديث أبي هريرة، عند البخاري في ‏"‏باب وجوب الزكاة‏"‏ ص 188 - ج 1‏]‏ في الإيمان عن محمد بن زيد بن عبد اللّه بن عمر عن جده عبد اللّه بن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدًا رسول اللّه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على اللّه، انتهى‏.‏ وأخرجاه أيضًا عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري ‏[‏حديث أنس، عند البخاري في ‏"‏الصلاة - في باب فضل استقبال القبلة‏"‏ ص 56 - ج 1، وحديث جابر في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 38 - ج 3، وعند مسلم في ‏"‏الايمان‏"‏ ص 37 - ج 1‏.‏‏]‏ عن أنس، وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر، ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ وقال‏:‏ صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وهذا وهم من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن مسلمًا رواه، الثاني‏:‏ أن أبا الزبير ليس على شرط البخاري، ووقع مثل هذا في حديث آخر، أخرجه في ‏"‏المغازي‏"‏ عن ابن إسحاق بسنده، وقال فيه‏:‏ على شرط الشيخين، وابن إسحاق ليس من شرط البخاري‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الحدود - في باب ظهر المؤمن حمى‏"‏ ص 1003‏]‏ في الفتن، ومسلم في ‏"‏الحدود‏"‏ عن أبي بكرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏أتدرون أي يوم هذا، أليس بيوم النحر‏؟‏ قلنا‏:‏ بلى يا رسول اللّه، قال‏:‏ فأي شهر هذا‏؟‏ قلنا‏:‏ اللّه ورسوله أعلم، قال‏:‏ أليس بذي الحجة، قلنا‏:‏ بلى يا رسول اللّه، قال‏:‏ فأي بلد هذا‏؟‏ قلنا‏:‏ اللّه ورسوله أعلم، قال‏:‏ أليس البلدة‏؟‏ قلنا‏:‏ بلى يا رسول اللّه، قال‏:‏ فإن دماءكم وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، فليبلغ الشاهد الغائب، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري ‏[‏عند مسلم في ‏"‏القصاص‏"‏ - في باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض ص 60 - ج 2، وعند البخاري في ‏"‏الفتن - في باب قول النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا ترجعوا بعدي كفارًا‏"‏ ص 1048 - ج 2، وغيره‏]‏ في ‏"‏الحدود - في باب ظهر المؤمن حمى‏"‏ عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في ‏"‏حجة الوداع‏"‏‏:‏ ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمة‏؟‏ قالوا‏:‏ ألا شهرنا هذا، قال‏:‏ ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة‏؟‏ قالوا‏:‏ ألا بلدنا هذا، قال‏:‏ ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة‏؟‏ قالوا‏:‏ ألا يومنا هذا قال‏:‏ فإن اللّه قد حرم عليكم دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، إلا بحقها، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت، مختصر‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البخاري ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الحج - في باب الخطبة أيام منى‏"‏ ص 234 - ج 1‏]‏ في ‏"‏الحج - باب الخطبة أيام منى‏"‏ عن ابن عباس أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ خطب الناس يوم النحر، فقال‏:‏ يا أيها الناس أي يوم هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ يوم حرام، قال‏:‏ فأي بلد هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ بلد حرام، قال‏:‏ فأي شهر هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ شهر حرام، قال‏:‏ فإن دماءكم وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا ثم رفع رأسه فقال‏:‏ اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الفتن - في باب تعظيم قتل المؤمن‏"‏ ص 230، ثم قال‏:‏ وحديث هانىء بن كلثوم عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، مثله سواء‏]‏ في ‏"‏الفتن‏"‏ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني عن محمد بن شعيب عن خالد بن دهقان عن عبد اللّه بن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، قال‏:‏ سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ كل ذنب عسى اللّه أن يغفره، إلا من مات مشركًا، أو مؤمنًا قتل مؤمنًا عمدًا، فقال هانىء بن كلثوم‏:‏ سمعت محمود بن الربيع يحدث عن عبادة بن الصامت أنه سمعه يحدث عن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ من قتل مؤمنًا فاعتبط ‏[‏قال ابن الأثير في ‏"‏النهاية‏"‏ ص 69 - ج 3‏:‏ من قتل مؤمنًا فاعتبط بقتله، هكذا جاء الحديث في ‏"‏سنن أبي داود‏"‏ ثم قال في آخر الحديث‏:‏ قال خالد بن دهقان، وهو راوي الحديث‏:‏ سألت يحيى بن يحيى النسائي عن قوله‏:‏ اعتبط بقتله، قال‏:‏ الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أنه على هدى، لا يستغفر اللّه، وهذا التفسير يدل على أنه من الغبطة، بالغين المعجمة، وهي الفرح، والسرور، وحسن الحال، لأن القائل يفرح بقتل خصمه، فاذا كان المقتول مؤمنًا وفرح بقتله، دخل في الوعيد، وقال الخطابي في ‏"‏معالم السنن‏"‏ وشرح هذا الحديث، فقال‏:‏ اعتبط قتله، أي قتله ظلمًا، لا عن قصاص، وذكر نحو ما تقدم في الحديث قبله، ولم يذكر قول خالد، ولا تفسير يحيى ابن يحيى، انتهى‏]‏ بقتله، لم يقبل اللّه منه صرفًا ولا عدلًا، قال لنا خالد‏:‏ ثم حدثنا ابن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ لا يزال المؤمن معنقًا ‏[‏قوله‏:‏ لايزال المؤمن معنقًا، أي مسرعًا في طاعته، منبسطًا في عمله، قوله‏:‏ فإذا أصاب دمًا حرامًا بلح، بلح الرجل إذا انقطع من الاعياء، فلم يقدر أن يتحرك، وقد أبلحه السير فانقطع، يريد به وقوعه في الهلاك، بإصابة الدم الحرام، وقد تخفف اللام من ‏"‏النهاية‏"‏ ص 111 - ج 1‏]‏ صالحًا، مالم يصب دمًا حرامًا، فإذا أصاب دمًا حرامًا بلح، انتهى‏.‏ ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك - في الحدود‏"‏ ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في الحدود‏"‏ بهذا اللفظ، عن ابن عمر، وعند البخاري في ‏"‏أوائل الديات‏"‏ ص 1014 - ج 2‏.‏‏]‏ وقال‏:‏ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى‏.‏ وبعضه في ‏"‏البخاري‏"‏ وأخرجه عن ابن عمر، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏:‏ لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا، انتهى‏.‏ ورواه النسائي في ‏"‏المحاربة‏"‏ ‏[‏عند النسائي في‏"‏المحاربة‏"‏ ص 162 - ج 2، وفي ‏"‏المستدرك - في الحدود‏"‏ عن معاوية، وأم الدرداء ص 351 - ج 4‏.‏‏]‏ عن محمد بن المثنى عن صفوان بن عيسى عن ثور بن يزيد عن أبي عون عن أبي إدريس الخولاني عائذ اللّه عن معاوية سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يموت كافرًا، أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا، انتهى‏.‏ ورواه الحاكم أيضًا في ‏"‏المستدرك‏"‏ وقال‏:‏ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الترمذي، والنسائي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الديات - في باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن‏"‏ ص 180 - ج 1، وعند النسائي في ‏"‏المحاربة - في باب تعظيم الدم‏"‏ ص 162 ج 2‏]‏ عن ابن أبي عدي عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد اللّه بن عمرو أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ لزوال الدنيا أهون على اللّه من قتل رجل مسلم، انتهى‏.‏ وأخرجاه عن محمد بن جعفر عن شعبة به موقوفًا، قال الترمذي‏:‏ وهو أصح من حديث ابن عدي، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ رواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه - في الديات‏"‏ حدثنا وكيع ثنا سفيان الثوري عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد اللّه بن عمر، فذكره مرفوعًا، وكذلك رواه أبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنده‏"‏، وله طرق أخرى ‏[‏بعضها عند النسائي في ‏"‏المحاربة‏"‏ ص 162 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏الديات‏"‏ ص 191‏.‏‏]‏ ذكرناها في ‏"‏أحاديث الكشاف‏"‏‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الديات - في باب الحكم في الدماء‏"‏ ص 180 - ج 1، وفي ‏"‏المستدرك - في الحدود‏"‏ ص 353 - ج 4‏.‏‏]‏ عن أبي الحكم، قال‏:‏ سمعت أبا سعيد الخدري، وأبا هريرة يذكران عن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قالوا‏:‏ لو أن أهل السماء، وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن، لأكبهم اللّه في النار، انتهى‏.‏ وأخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ عن عطية العوفي عن الخدري، وسكت عنه، وأخرجه الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏"‏ عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي هريرة مرفوعًا، نحوه‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏

‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الديات - في باب تغليظ قتل المؤمن‏"‏ ص 191‏]‏ عن يزيد بن أبي زياد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة، لقي اللّه تعالى مكتوب بين عينيه آيس من رحمة اللّه تعالى‏"‏، انتهى‏.‏ وهو حديث ضعيف، وله طرق أخرى، ذكرناها في ‏"‏أحاديث الكشاف‏"‏‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك ‏[‏في ‏"‏المستدرك - في الحدود‏"‏ ص 350 - ج 4‏.‏‏]‏ - في الحدود‏"‏ عن سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن أبي موسى الأشعري عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏إذا أصبح إبليس بث جنوده، فيقول‏:‏ من أضل اليوم مسلمًا ألبسته التاج، فيجيء أحدهم فيقول‏:‏ لم أزل به حتى عق والديه، فيقول‏:‏ يوشك أن يبرهما، ويجيء الآخر فيقول‏:‏ لم أزل به حتى طلق زوجته، فيقول‏:‏ يوشك أن يتزوج، فذكر نحو ذلك، إلى أن قال‏:‏ ‏"‏ويقول الآخر لم أزل به حتى قتل، فيقول أنت أنت، ويلبسه التاج‏"‏، وقال‏:‏ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أخبرنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب بن عبد اللّه البجلي، سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ لا يحولن بين أحدكم وبين الجنة - وهو يرى بابها - ملء كف من دم امرىء مسلم أهراقه، بغير حله، مختصر، وهو في ‏"‏البخاري‏"‏ ‏[‏عند البخاري في ‏"‏الأحكام - في باب من شاق شاق اللّه عليه‏"‏ ص 1059 - ج 2‏]‏ من قول جندب أن أصحابه قالوا له‏:‏ أوصنا، فقال‏:‏ أول ما ينتن من الإنسان بطنه، فمن استطاع أن لا يأكل إلا طيبًا، فليفعل، ومن استطاع أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم أهراقه، فليفعل، أخرجه في ‏"‏كتاب الأحكام‏"‏‏.‏

- الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏العمد قود‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ روي من حديث ابن عباس‏"‏ ومن حديث عمرو بن حزم‏.‏

- فحديث ابن عباس‏:‏ رواه ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنديهما‏"‏، قال الأول‏:‏ حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، وقال الثاني‏:‏ حدثنا عيسى بن يونس، قالا‏:‏ ثنا إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏العمد قود، إلا أن يعفو ولي المقتول‏"‏، انتهى‏.‏ لابن أبي شيبة، وزاد إسحاق‏:‏ والخطأ عقل لاقود فيه، وشبه العمد قتيل العصا والحجر، ورمي السهم فيه الدية مغلظة من أسنان الإبل، انتهى‏.‏ ورواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الحدود - والديات‏"‏ ص 328‏.‏‏]‏ بلفظ ابن أبي شيبة، وكذلك الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏، وأخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الديات - في باب عفو الانسان عن الدم‏"‏ ص 268 - ج 2، وص 275 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏الديات - في باب من حال بين ولي المقتول وبين القود‏"‏ ص 193، وعند النسائي في ‏"‏الديات - في باب من قتل بحجر أو سوط‏"‏ ص 245 - ج 2‏]‏ عن سليمان بن كثير عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏"‏من قتل في عمياء، أو رمياء تكون بينهم بحجارة، أو بالسياط، أو ضرب بعصا، فهو خطأ، وعقله عقل الخطأ، ومن قتل عمدًا، فهو قود، ومن حال دونه، فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف، ولا عدل‏"‏ انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن حزم‏:‏ فرواه الطبراني في معجمه ‏[‏قال الهيثمي في ‏"‏مجمع الزوائد‏"‏ ص 286 - ج 6‏:‏ رواه الطبراني عن عمرو بن حزم، وفيه عمران ابن أبي الفضل، وهو ضعيف، انتهى‏]‏ من حديث إسماعيل بن عياش عن عمران بن أبي الفضل عن عبد اللّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ العمد قود، والخطأ دية، انتهى‏.‏ وإن كان المراد بجده محمد بن عمرو فهو مرسل، قال ابن سعد في ‏"‏الطبقات - ‏[‏وفي ‏"‏ترجمة محمد بن عمرو بن حزم‏"‏ عند ابن سعد‏:‏ ص 49 - ج 5، كان رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قد استعمل عمرو بن حزم على نجران اليمن، فولد له هنالك على عهد رسول الله صلى اللّه عليه وسلم سنة عشر من الهجرة غلامًا، فأسماه محمدًا، وكناه أبا سليمان، وكتب بذلك إلى رسول الله صلى اللّه عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلى اللّه عليه وسلم، أن سمه محمدًا وأكنه أبا عبد الملك، ففعل، انتهى‏]‏ في ترجمة عثمان بن عفان‏"‏‏:‏ محمد بن عمرو بن حزم ولد في عهد رسول الله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ سنة عشر من الهجرة، وقال لأبيه عمرو‏:‏ سمه محمدًا، انتهى‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لاميراث للقاتل‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ روي من حديث أبي هريرة، ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومن حديث عمر، ومن حديث ابن عباس‏.‏

- فحديث أبي هريرة‏:‏ أخرجه الترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الفرائض - في باب ما جاء في إبطال ميراث القاتل‏"‏ ص 33 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏الديات - في باب القاتل لا يرث‏"‏ ص 194، وفي ‏"‏الفرائض - في باب ميراث القاتل‏"‏ ص 201‏]‏ في ‏"‏الفرائض‏"‏ وابن ماجه فيه - وفي ‏"‏الديات‏"‏ عن إسحاق بن عبد اللّه عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ القاتل لا يرث، انتهى‏.‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث لا يصح، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة تركه بعض أهل العلم‏:‏ منهم أحمد بن حنبل، انتهى‏.‏ وعزا شيخنا علاء الدين هذا الحديث - مقلدًا لغيره - إلى النسائي، ولم أجده، ولا عزاه أصحاب ‏"‏الأطراف‏"‏، مع أن الشيخ، والذي قلده تركا ابن ماجه، لكني وجدت الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الفرائض‏"‏ ص 465‏.‏‏]‏ رواه من طريق النسائي‏:‏ حدثنا قتيبة ثنا الليث عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة به، ثم قال‏:‏ قال أبو عبد الرحمن‏:‏ إسحاق متروك، وإنما أخرجه في - مشايخ الليث - لئلا يترك من - الوسط - انتهى‏.‏ فلعله في ‏"‏سننه الكبرى‏"‏، والله أعلم‏.‏

- وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‏:‏ فأخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الديات - في باب ديات الأعضاء‏"‏ ص 271 - ج 2‏]‏ في ‏"‏الديات‏"‏ عن محمد بن راشد حدثني سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه كان يقوّم دية الخطأ على أهل القرى أربعمائة دينار، فذكره بطوله، إلى أن قال في آخره‏:‏ قال رسول الله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏:‏ ليس للقاتل شيء، وإن لم يكن له وارث، فوارثه أقرب الناس إليه، ولا يرث القاتل شيئًا، مختصر‏.‏ ومحمد بن راشد الدمشقي فيه مقال، وأخرجه النسائي عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج، ويحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب به مرفوعًا، ليس للقاتل من الميراث شيء، انتهى‏.‏ ثم رواه من طريق مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن عمر قال‏:‏ إن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ليس لقاتل شيء، قال‏:‏ وهو الصواب، وحديث ابن عياش خطأ، انتهى‏.‏ وضعف ابن القطان الأول بأنه من رواية إسماعيل بن عياش، من غير الشاميين، وهي ضعيفة عند البخاري، وغيره، انتهى‏.‏

- وأما حديث عمر‏:‏ فأخرجه ابن ماجه ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الديات - في باب القاتل لا يرث‏"‏ ص 194، وعند مالك في ‏"‏الموطأ - في باب ميراث العقل والتغليظ فيه‏"‏ ص 339‏]‏ في ‏"‏الديات‏"‏ عن أبي خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن أبا قتادة رجل من بني مدلج قتل ابنه، فأخذ منه عمر مائة من الإبل‏:‏ ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، فقال أين أخو المقتول سمعت رسول الله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول‏:‏ ‏"‏ليس لقاتل ميراث‏"‏ انتهى‏.‏ ورواه مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏ عن يحيى بن سعيد به، وعن مالك رواه الشافعي في ‏"‏مسنده‏"‏، وعبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏، ومن طريق مالك رواه أيضًا النسائي في ‏"‏سننه‏"‏ كما تقدم، وقال‏:‏ هو الصواب، قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ وحديث عمرو بن شعيب عن عمر فيه انقطاع، انتهى‏.‏

- طريق آخر‏:‏ أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الفرائض‏"‏ ص 465‏.‏‏]‏ عن محمد بن سليمان بن أبي داود ثنا عبد اللّه بن جعفر عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر، فذكره‏.‏ وأعله ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏ بأن سعيدًا لم يسمع من عمر إلا نعيه النعمان بن مقرن، قال‏:‏ ومنهم من أنكره مطلقًا، انتهى‏.‏ وأعله ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏ بمحمد بن سليمان هذا، قال‏:‏ قال أبو حاتم الرازي‏:‏ متروك الحديث، وأقره صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏ عليه‏.‏

- وأما حديث ابن عباس‏:‏ فأخرجه الدارقطني أيضًا ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الفرائض‏"‏ ص 465 عن أبي قرة به‏.‏‏]‏ عن أبي حمة عن أبي قرة عن سفيان عن ليث عن طاوس عن ابن عباس عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، نحوه، وأعله ابن القطان بأبي حمة، وبالليث، قال‏:‏ وأبو حمة محمد بن يوسف، وكنيته أبو يوسف، قال‏:‏ ولا أعرف حاله ‏[‏قلت‏:‏ وفي ‏"‏التهذيب‏"‏ ص 538 - ج 9‏:‏ محمد بن يوسف الزبيدي أبو حمة اليماني، روى عن أبي قرة، وموسى بن طارق، وهو من أقران ابن سعد، كاتب الواقدي، انتهى‏.‏ وفي ‏"‏هامشه‏"‏ أبو حمة - بضم المهملة، وفتح الميم الخفيفة - من العاشرة، انتهى‏.‏‏]‏ ولم أر من ذكره إلا ابن الجارود في ‏"‏كتاب الكنى‏"‏، ولم يذكر له حالًا، انتهى‏.‏ وقال عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏‏:‏ وأبو قرة هذا أظنه موسى بن طارق، وكان لا بأس به، وليث هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف الحديث، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ ‏[‏قال الهيثمي في ‏"‏مجمع الزوائد‏"‏ ص 230 - ج 4‏:‏ رواه الطبراني، وعمر بن شيبة، قال أبو حاتم‏:‏ مجهول، اهـ، وراجع له ‏"‏اللسان‏"‏ ص 312 - ج 4‏]‏ حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا جعفر بن محمد الوراق الواسطي ثنا خالد بن مخلد القطواني ثنا يحيى بن عمر المدني حدثني عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي، قال‏:‏ كنت أداعب امرأتي، فأصابت يدي بطنها فماتت - وذلك في غزوة رسول الله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بتبوك - فأتيته، فأخبرته عن امرأتي، وأني أصبتها خطأ، فقال‏:‏ لا ترثها، انتهى‏.‏

- حديث مخالف لما تقدم‏:‏ روى ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الفرائض - في باب ميراث القاتل‏"‏ ص 201، وعند الدارقطني فيه‏:‏ ص 456، عن محمد بن سعيد، وص 457 عن الضحاك بن عثمان، كلاهما عن عمرو بن شعيب به‏.‏‏]‏ أخبرنا علي بن محمد، ومحمد بن يحيى، قالا‏:‏ ثنا عبيد اللّه بن موسى عن الحسن بن صالح عن محمد بن سعيد، وقال‏:‏ محمد بن يحيى عن عمر بن سعيد عن عمرو بن شعيب، قال‏:‏ حدثني أبي عن جدي عبد اللّه أن رسول الله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قام يوم فتح مكة، فقال‏:‏ لا يتوارث أهل ملتين، والمرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من دينها ومالها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدًا، فإن قتل صاحبه عمدًا لم يرث من ديته وماله شيئًا، وإن قتل صاحبه خطأ ورث من ماله، ولم يرث من ديته، انتهى‏.‏ ورواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ وقال‏:‏ محمد بن سعيد هذا هو الطائفي، وهو ثقة، انتهى‏.‏ وقال عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏، بعد أن ذكره من جهة الدارقطني‏:‏ ومحمد ابن سعيد هذا أظنه الصلت، وهو متروك عند الجميع، انتهى‏.‏ وكأنه لم ينظر كلام الدارقطني، أو يكون توثيق الدارقطني له ساقطًا في بعض النسخ، والله أعلم، وقال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ وقد وقع في بعض نسخ ابن ماجه عمرو بن سعيد - بالواو - وهو كذلك في - أطراف ابن عساكر - وهو خطأ، نبه عليه شيخنا أبو الحجاج المزي، وفرق شيخنا في ‏"‏التهذيب‏"‏ بين راوي هذا الحديث عن عمر، وبين محمد بن سعيد الطائفي، وعند الدارقطني أنه الطائفي، والله أعلم، انتهى كلامه‏.‏ وقال ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ والحسن بن صالح مجروح، قال ابن حبان‏:‏ يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الأثبات، انتهى‏.‏ قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ وهذا خطأ، فإن الحسن بن صالح هذا هو ابن حيي، وهو من الثقات الحفاظ، المخرج لهم في الصحيح، والذي تكلم فيه ابن حبان هو آخر، مختلف في نسبته، يروي عن ثابت عن أنس‏.‏ ويقال له‏:‏ العجلي، وقد ذكره ابن الجوزي في ‏"‏الضعفاء‏"‏، وحكى كلام ابن حبان فيه، ثم قال‏:‏ والحسن بن صالح عشرة، ليس فيهم مجروح، انتهى‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏ألا إن قتيل خطأ العمد‏:‏ قتيل السوط، والعصا، وفيه مائة من الإبل‏"‏،

قلت‏:‏ روي من حديث عبد اللّه بن عمرو، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث ابن عباس‏.‏

- فحديث عبد اللّه بن عمرو‏:‏ أخرجه أبو داود، والنسائي وابن ماجه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الديات - في باب دية شبه العمد‏"‏ ص 269 - ج 2، وعند ابن ماجه ‏"‏فيه - في باب دية شبه العمد مغلظة‏"‏ ص 192، وعند النسائي في ‏"‏القود - في باب دية شبه العمد‏"‏ ص 246، وعند الدارقطني في ‏"‏الحدود‏"‏ ص 232، وأخرجه الدارقطني أيضًا عن وهيب عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس، مرفوعًا‏]‏ عن خالد الحذاء عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل‏:‏ منها أربعون في بطونها أولادها، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع الثالث والأربعين، من القسم الثالث، قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ وعقبة بن أوس وثقه ابن سعد، والعجلي، وابن حبان، وقد روى عنه محمد بن سيرين مع جلالته، والقاسم وثقه أبو داود، وابن المديني، وابن حبان، انتهى‏.‏ وأخرجه النسائي أيضًا عن خالد عن القاسم عن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأخرجه أيضًا عن خالد عن القاسم عن عقبة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، مرسلًا، وأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه - في الحدود‏"‏ عن أيوب السختياني عن القاسم بن ربيعة عن عبد اللّه بن عمرو، مرفوعًا نحوه، لم يذكر فيه عقبة بن أوس، قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ هو حديث صحيح من رواية عبد اللّه بن عمرو بن العاص، ولا يضره الاختلاف الذي وقع فيه وعقبة بن أوس بصري تابعي ثقة، انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن عمر‏:‏ فأخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏باب دية الخطأ شبه العمد‏"‏ ص 269 - ج 2، وعند ابن ماجه في ‏"‏باب دية شبه العمد مغلظة‏"‏ ص 192، وعند النسائي في ‏"‏القود - في باب كم دية شبه العمد‏"‏ ص 246 - ج 2، وعند الدارقطني في ‏"‏الحدود‏"‏ ص 333‏]‏ عن علي بن زيد بن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر أن رسول الله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ خطب يوم الفتح بمكة، فكبر ثلاثًا، ثم قال‏:‏ لا إله إلا اللّه وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، إلا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية من دم أو مال تحت قدمي، إلا ما كان من سقاية الحاج، وسدانة البيت، ثم قال‏:‏ ألا إن دية الخطأ شبه العمد، ما كان بالسوط والعصا، مائة من الإبل‏:‏ منها أربعون في بطونها أولادها، انتهى‏.‏ ورواه أحمد، والشافعي، وإسحاق بن راهويه في ‏"‏مسانيدهم‏"‏، ورواه ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق في ‏"‏مصنفيهما‏"‏، ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في‏"‏معجمه‏"‏، والدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ قال ابن القطان في ‏"‏كتابه‏"‏‏:‏ وهو حديث لا يصح، لضعف علي بن زيد، انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن عباس‏:‏ فرواه إسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنده‏"‏ أخبرنا عيسى بن يونس ثنا إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس، قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏"‏شبه العمد قتيل الحجر والعصا، فيه الدية مغلظة، من أسنان الإبل مختصر، وقد تقدم قريبًا‏.‏

- وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‏:‏ فأخرجه أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الديات - في باب ديات الأعضاء‏"‏ ص 272 - ج 2‏]‏ عن محمد بن راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن جده عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ عقل شبه العمد مغلظ، مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه، وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس، فيكون رميًا في عمياء في غير ضغينة ولا سلاح، انتهى‏.‏ قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ محمد بن راشد يعرف بالمكحول، وثقه أحمد، وابن معين، والنسائي، وغيرهم، وقال ابن عدي‏:‏ إذا حدث عنه ثقة فحديثه مستقيم، انتهى‏.‏ وهذا داخل في الأول‏.‏

- حديث آخر مرسل‏:‏ رواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه - في الديات‏"‏ حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن قتادة عن الحسن، قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏"‏قتيل السوط والعصا شبه عمد، فيه مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها، انتهى‏.‏

- الآثار‏:‏ أخرج ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ عن علي موقوفًا، قال‏:‏ قتيل السوط والعصا شبه عمد، وأخرج عن الشعبي، والحكم، وحماد قالوا‏:‏ ما أصبت به من حجر، أو سوط، أو عصا فأتى على النفس، فهو شبه العمد، وفيه الدية مغلظة، وأخرج عن إبراهيم النخعي، قال‏:‏ شبه العمد كل شيء تعمد به بغير حديد، ولا يكون شبه العمد إلا في النفس، ولا يكون دون النفس، انتهى‏.‏

-